Sunday, January 22, 2017

شعار اليوفي الجديد: خطوة إلى المستقبل


أعلن نادي يوفنتوس قبل أقل من أسبوع تغيير شعاره في حفل ضخم أقامه في ميلان تحت عنوان " أسود وأبيض وأكثر من ذلك: المستقبل الآن". تغيير شعارات الأندية شيء اعتدنا عليه لكن لماذا هذه المرة يعتبر شيء غير عادي؟ لماذا لم يمر مرور الكرام كبقية إعلانات باقي الأندية؟ سنحاول فهم أسباب تغيير هذا الشعار ودلالاته.

 




لفهم فكرة إدارة اليوفي علينا أن نفرّق أولًا بين تغيير الشعار ونظرتنا للشعار الجديد. اليوفي الآن يعتبر من أعلى 10 أندية أوروبية في المدخول السنوي. لكن الفارق شاسع جدًا بينه وبين أندية المقدمة. انظر للأندية التي تعلوه ستجدها إما تستمد ثروتها من ملاك أثرياء (باريس والسيتي) أو عقود رعاية جنونية مثل مانشستر يونايتد أو أسهم مملوكة من شركات كبيرة مثل البايرن أو حقوق نقل تلفزيونية بمبالغ مهولة مثل تشيلسي وأرسنال وليفربول أو حتى بالاسم لوحده مثل ريال مدريد وبرشلونة. وحتى ينقل اليوفي نفسه للمرحلة الأعلى فلا سبيل له سوى رفع المداخيل التجارية. هذا الشيء غير ممكن مع صعوبة التسويق في اقتصاد إيطاليا الضعيف ومع ضعف مستوى الدوري الإيطالي مؤخرًا. وبما إن إدارة اليوفي الجديدة عُرف عنها الخطوات السباقة في مجال تطوير النادي ولنا في الملعب الجديد خير مثال. وفي هذا السبيل قامت الإدارة بخطوة أستطيع أن أصفها بأنها الأجرأ في تاريخ الاقتصاد الرياضي.

 

غضب الجماهير من التغيير مفهوم، فمن طبيعة البشر أنهم يخشون التغيير وخصوصًا عشاق كرة القدم لارتباطهم العاطفي بالنادي الذي يعشقون. لكن علينا أن نسترجع أيضًا تصريح آنييلي أمام الجمعية العمومية قبل أشهر عن الفجوة بين اليوفي وأغنى الأندية الأوروبية: " ‏أنييلي: يجب أن نصبح أكثر شهرة ولنا في ذلك مثال بالدوري الانجليزي والاسباني والالماني وهناك اسواق استراتيجية جديدة كالصين وأمريكا، ‏أهدافنا الجديدة ليست لمعجبين الكرة الكلاسيكية بل لجيل الألفية والنساء والاطفال وعلينا أن نسأل أنفسنا ما الذي تفكر فيه فتاة صغيرة في شنغهاي؟ " 

هذا يجعلنا نعرف بأن هذه الخطوة كانت مبنية منذ فترة طويلة. هي لم تكن مجرد تغيير لشعار النادي وإنما طرح اليوفي كبراند أو ماركة عالمية تصل للجميع. الوصول للعالمية كاسم تجاري لم يكن ممكنًا أبدًا في ظل الشعار السابق ولو كان جميل. الشعار السابق كان شعار تقليدي لشعارات الأندية لا شيء مميز فقط تعبير عن هوية تاريخية لكن الشعار الجديد أصبح كالماركة العالمية التي نراها عالميًا ببساطته. انظر لشعارات لويس فيتون وكوكو شانيل .. لا فرق.

 

هل تعرف شخص يعشق فيراري ولا يتابع سباقات الفورمولا ون؟ هذا ما يريده اليوفي تمامًا، لا يجب أن تعشق الدوري الإيطالي حتى تحب اليوفي. هذا الشعار ليس موجهًا لعشاق اليوفي الحاليين بل لكسب محبين جدد من كل دول العالم ومن مختلف الثقافات. تي شيرت بولو أو بدلة رسمية عليها الشعار القديم لن يشتريها أحد إلا قلّة من مشجعي اليوفي لكن نفس القميص ونفس البدلة مع الشعار الجديد، هناك فرق كبير أليس كذلك؟ 

هل سمعت بمقهى ريال مدريد؟ "Real madrid cafe"

مقهى تابع لنادي ريال مدريد تجد عليه اسمه وشعار الريال. أي شخص لا علاقه له بكرة القدم سيظن بأنه مخصص لعشاق الكرة ولن يفكر بالدخول له. لكن لو كنت في مدينة سياحية ورأيت مقهى اسمه J cafe وبالشعار الجديد لليوفي شيء مختلف تمامًا.

 

أنا لست خبيرًا في مجال التصميم حتى أبدي رأيي في التصميم الجديد بذاته كتصميم وكتفاصيل لكن يكفيني بساطته وفخامته ولو أن آراء الخبراء في هذا المجال كلها إيجابية جدًا. نستطيع بأن نقول عنه أنه مناسب لعصر وسائل التواصل الاجتماعي وصديق للemojis.

مع هذا الشعار أصبح اليوفي وكأنه قد تملّك حرف ال J. شعور مشابه لفيسبوك وشعار حرف f أو قوقل وحرف G. أي شخص يرى هذا الحرف سيتذكر اليوفي مباشرة.

إذا زرت محيط ملعب اليوفي في مدينة تورينو ستجد J museum وهو المتحف الخاص بالنادي، وJ clinic وهي العيادة الخاصة بالنادي وأماكن أخرى مثل J village. هذه كلها تعود ملكيتها للنادي وتخدم أهدافه التسويقية وتظهر قيمة حرف J.

اليوفي لم يتنصل أبدا من تاريخه وهويته في الشعار الجديد. كلام الرئيس التاريخي للنادي وأحد أعلام العائلة المالكة للنادي جياني آنييلي عن تأثره وشعوره إذا رأى حرف J في عناوين الصحف سيؤكد أهمية هذا الحرف ومقولته معلقة في متحف النادي.

الأبيض والأسود كافي لتمثيل النادي وحرف ال J هو الحرف الأول من اسم النادي. سبق وأن ارتدى فريق النادي قميص عليه هذا الحرف فقط بدلًا عن الشعار. وما يثير الدهشة أيضًا ببحث اليوفي عن التسويق العالمي هو المعرفة الكافية أن اسم النادي ليست كلمة إيطالية (يوفنتوس باللغة اللاتينية تعني شباب) وأن حرف ال J غير معترف به تقريبًا في الأبجدية الإيطالية. وهنا نعود لمثال مقهى ريال مدريد. ستشعر بأنه شيء إسباني فقط بسبب كلمة مدريد لكن J cafe .. شيء يناسب الجميع.

 

هكذا يحاول اليوفي تسويق نفسه وزيادة مداخيله بمشاريع عدة. أزياء رياضية وغير رياضية، شراكات مع شركات التكنلوجيا بطرح منتجات خاصة مجمعات تجارية ومقاهي رياضية وغيرها. السر بقي لماذا تم إقامة حفل إطلاق هذا المشروع في ميلانو وليس تورينو مقر النادي. لا أملك تفسيرًا سوى أنه كان بقصد قبل انطلاق أسبوع الموضة العالمية في ميلان قريبًا وهو حدث عالمي ضخم في مجال الموضة لذلك سنرى كل وسائل الإعلام المختصة وكل مطوري الموضة العالمية يلتفتون لما قام به اليوفي ويدور في ذهنهم لمحاولة استغلاله بأفضل طريقة.

 

معرفة الجواب على تساؤلاتنا عن نجاح هذه الخطوة مرهون بالوقت لكن الشيء الأكيد أن إدارة اليوفي تعرف ما تقوم به.

 
راضي الشمري
twitter: @Radhiz
@_Justsports_

 

No comments:

Post a Comment